رابط دائم
أخطر ما ورد فى تصريحات السيدة عائشة عبدالهادى، وزيرة القوى العاملة، عن أزمة اعتصام عمال «طنطا للكتان» أمام مجلس الوزراء، الذى يدخل يومه الثامن اليوم، متصلاً بإضراب تواصل لشهور، ليس فقط أنها عبرت عن رفضها لهذا الإضراب ووصفته بأنه غير شرعى وغير قانونى، ووقفت كما هى العادة فى صف المستثمر السعودى، الذى آلت إليه الشركة العملاقة بالتقسيط المريح وبسعر تنافسى جداً، وإنما فى قولها إن هذه الأزمة «لا ينظمها قانون، وإنما تخضع للتفاوض».
تلك هى خطورة ما تروج له عائشة وتسعى إلى تكريسه، لا تتحدثوا عن القانون، واذهبوا للتفاوض، والأصل فى القانون أنه ينظم جميع العلاقات فى المجتمع، ويفرض أحكامه على الجميع كحكم أعمى بين المتخاصمين، بينما يقوم التفاوض على فرض الإرادات، وحسابات المكسب والخسارة، وفى النهاية تنحاز نتيجته منطقياً تجاه الطرف الأقوى، بما يعنى الدخول فى عملية «لى أذرع» متبادلة وانتظار من يصرخ أولاً.
أعجب ما يمكن أن تسمعه من مسؤول حكومى، أن يحاول تجنيب القانون، فى أزمة قانونية بالأساس، فى وقت يدرك فيه أن القانون فى صف هؤلاء البسطاء الذين يفترشون الأرصفة فى برد شديد، يدافعون عن حقوقهم وظهورهم للحائط، بعد أن عرت الدولة ظهورهم من كل شىء يمكن الاستناد إليه، وجاءت عائشة فى النهاية لتعرى ظهورهم من القانون نفسه.
تعرف عائشة عبدالهادى تماماً أن جميع مطالب العمال سواء العلاوات الدورية والاجتماعية أو الأرباح والوجبة الغذائية، ينظمها القانون، وتعرف كذلك أن الفصل التعسفى ينظمه القانون أيضاً، وواصلت انحيازها المفرط للمستثمر وابتعادها المطلق عن العمال بترويج أن القضاء أيد قرار الفصل لبعض العمال فيما عدا النقابيين، رغم أن جميع العمال المفصولين حصلوا على أحكام قضائية نهائية بالعودة للعمل، وصرف جميع مستحقاتهم من تاريخ فصلهم حتى عودتهم للعمل.
لم تحاول عائشة تحمل مسؤوليتها السياسية لتنفيذ تلك الأحكام، ورغم أنها نقابية بارزة «سابقاً» فإنها تأتى اليوم وفى هذه الأزمة تحديداً لتتنكر لكل قواعد العمل النقابى المستقرة، فتلوم النقابيين الذين طالبوا بحقوق زملائهم، ثم تردد خطاباً حكومياً صرفاً لا يليق أن يصدر من نقابية سابقة بادعائها أن هناك من يحرض العمال على الاعتصام، وهو خطاب أمنى تجاوزه الزمن، وتجاوزته الممارسات العمالية المشرفة لحقوق الإضراب والاعتصام التى تنبع من مصالحهم فقط، وتؤكد أنه إذا كان هناك محرض فهو «الجوع والظلم والخوف من المستقبل».
لا أعرف مبررات اقتناع عائشة عبدالهادى إلى هذا الحد بأن الجميع على ضلال فيما عدا عبدالله الكحكى، ربما هو «قانونها الخاص».. لكننى فقط أحاول أن أذكرها بأنه إذا كان المستثمر السعودى «غالى عليها» فإن أهلنا الذين يفترشون الرصيف اليوم بحثاً عن حق ضائع، وظهر هارب ومتخاذل، أغلى منه ملايين المرات
آخر تحديث: 21:53 عدد اليوم اTue, 16/02/2010 (طوال اليوم) لمصري اليوم [center]